-   تلغراف عن مسؤول إيراني رفيع: طهران قررت وقف دعمها للحوثي لتجنب الحرب مع أميركا    -   الجزيرة عن مصدر عسكري: 17 غارة إسرائيلية استهدفت مدرج مطار حماة العسكري وحظائر الطائرات    -   رئيس الحكومة نواف سلام في اتصال مع الرئيس السوري أحمد الشرع: أرغب في زيارة رسمية قريباً إلى دمشق بهدف بحث القضايا المشتركة وتعزيز أواصر التعاون بين البلدين    -   مصادر "سكاي نيوز": مركز البحوث المستهدف في القصف الإسرائيلي على مساكن برزة كان يستخدمه حزب الله لتطوير صواريخ أرض أرض متوسطة المدى    -   الجيش الإسرائيلي: اعتراض صاروخين أطلقا من شمال قطاع غزة    -   وزير الدفاع الإسرائيلي: القرى المدمرة تمنع حزب الله والمدنيين من العودة لجنوب لبنان لـ 5 سنوات    -   مصادر "العربية": جرحى جراء الغارات الإسرائيلية على مطار حماة العسكري بسوريا    -   هيئة البث الإسرائيلية عن اللواء مزراحي: سمحنا لحماس وحزب الله ببناء قدرات تحت الأرض وفوقها ولم نكن مستعدين لا في الأوامر ولا بالقوات ولا بطريقة الدفاع    -   رئيس الشاباك: هناك ارتباط مباشر بين الاغتيالات في غزة وبيروت والاغتيالات في غزة ستستمر وتتكثف    -   إعلام حوثي: هجوم أميركي يستهدف شرق مدينة صعدة بشمال غرب اليمن    -   إذاعة الجيش الإسرائيلي: مظاهرات في المطار للمطالبة بالإفراج عن الرهائن قبيل زيارة نتنياهو إلى المجر    -   القناة 14 الإسرائيلية: طائرات الجيش تشن هجمات في دمشق
الاكثر قراءة

خاص رادار سكوب

هكذا حبلت مريم في شوارع بيروت

مريم متسولة الشوارع تأبى أن تتهمها بأنها ما زالت طفلة، تعترف بقيامها بمساعدة والدتها العزباء عن طريق بيع عبوات المياه و “العلكة” على الطرقات بين السيارات. مريم فتاة بعمر ست سنوات، انهكتها طفولتها قبل أن تخوض مخاض الحياة، ابتسامتها البلاتونية تخجَل منها عيونٌ تتفرسها وحناجر تغدق عليها كل فجور الكلمات.

لا تنتمي مريم إلى هنا وحين لفظتها قساوة القدر لم تفطن بأن الطفولة ليست على جدول مراحل حياتها وبأن المدرسة والمعلم هما وجهان غير مقدّر لها أن يطبعا ذاكرتها اليافعة، ولا صوت “الجرس الصباحي” ولا زمور الباص… حتى الطبشور لن تستعمله يوماً أقله لرسم مكعبات على الزفت لتقفز عليها… لأن مريم لم تلد من رحم أمها بل من لدن القدر الظالم حيث لن تنال مجاناً أي من أفراح الأطفال بل ستدفع كل يوم من ثمن طفولتها لابعاد كأس الأتراح عنها ولو قليلاً.

وكما يفعل جميع الرافضين لتسوّل الأطفال في الشوارع، وبّختها ودعيتها إلى الذهاب للتعلم في المدرسة وعدم الإنصياع لأوامر جلادها…
كم كنت غبية وبسيطة، لم تجب مريم بشيء على تفاهة ما تلفظت به وكأنها أدركت جهلي العميق لواقعها فكرّرت مطالبتها بأن أشتري منها بعض مما تبيع. فرَفَعتُ في وجهها جميع أسواري وأشرت لها بإصبعي المتعفّن بأن تتوارى عن أنظاري…

لم تكترث.. وأردتني بطلقة واحدة من عينيها الحالمتين، وأندثرت في المجهول في غبار الماريّن في سياراتهم… مثلي تماماً.

وغرقتُ في تأمل مصيرها… هل كنت مثلاً أتوقع أن تستعلم عن موقع المدرسة حيث أريدها أن تذهب أو عن المستندات المطلوبة منها إبرازها أو مثلاً هل كنت أتوقع أن تطلب مني بطاقتي مع رقم هاتفي لمراجعتي في حال اتخاذها لقرار اقلاعها عن ممارسة التسول للإنكباب على التحصيل العلمي…

كم كنت ساذجة؟ يا لهول ما اقترفته بحق مريم في ذلك اليوم! عدت أدراجي بحثاً عنها.. عن كل مريم تتعرض في شوارعنا للإذلال والإهانة والتحرش والاستغلال والعنف والتمييز، بحثت عن مريم وفاطمة وزهراء وأمل… لا محالة سينكب الأشرار على تعليمهن أصول ارتكاب الذنوب والمعاصي ولكنني لم أجدها، كانت مريم قد كبرت وشبعت تنظيراً من أمثالي لدرجة أنها حبلت بفتيات أخريات يولدن ويكبَرن في غفلة النسيان وعلى هامش مجتمع لا يفطن إلاّ بملذاته والفايس بوك والبرامج الاستعراضية على التلفزيون.

وفي غمرة بحثي عن طفلتي الضائعة وجدت لهذه القضية مسبار أمل. هي مبادرة شخصية يستطيع كل فرد من أفراد المجتمع المدني اللجوء اليها إذ يسمح القانون لأي شخص، استدعاء قوى الأمن الداخلي إلى موقع المتسول اليافع حيث يتم استجوابه عن مكان ولي أمره الذي فور توقيفه يكون أمامه أحد الأمرين، إما التعهد بعدم التسوّل من جديد إما أن يُقدم النائب العام على حبسه إذا ثبَت عليه أفعال جرمية شائنة تمس بالطفولة وبالمجتمع على أن يتم إرسال القاصر إلى دور الرعاية لتنشئته حتى يكتسب جميع المقدرات التي تخوله الاندماج الكامل في مجتمع يليق به.

وللإشارة ان قضية الرعاية الأسرية وحماية الطفل هي وجه اخر من وجوه الاهمال المستشري في مجتمعنا. وبين غياب الدولة النهائي عن تفعيل هذا الشأن العام وعدم وفرة دور الرعاية الخاصة التي يجب أن تتواجد في كافة المناطق لايواء الاطفال المشردين والفقراء والايتام، تشير تقارير حديثة صادرة عن “اليونسيف” أن وضع دور الرعاية في لبنان مذرٍ إلى حد بعيد إذ مجمل تلك الدور تنتهج النمط المؤسساتي بدلاً من النمط العائلي، ففيما تنعدم في النمط المؤسساتي الحضانة العاطفية التي تجعل الطفل ينعم بأهم ركائز الحياة الاسرية، تزدهر في النمط العائلي هذا النوع من الاحاطة والرعاية، هذا فضلا عن ورود أخبار فضائحية وخطيرة تفيد عن حصول عمليات اغتصاب وعنف داخل هذه الدور وقضية الطفل طارق في دار الأيتام الاسلامية التي هزّت الرأي العام منذ قرابة العام خير دليل على ذلك.

في صرخة مدوّية أخيرة إلى جميع العاملين في الشأن العام يصادف اليوم الواقع فيه 11 تشرين الثاني من كل عام، اليوم الدولي للطفلة، وللمفارقة تم اطلاق نداء للمجتمع الدولي هذا العام على “تحفيذ الطفلة لتمكنها من مواجهة دائرة العنف المحيطة بها” باتخاذ هذا النداء شعار العام 2014 في ظل تنامي الممارسات العنفية وتصاعد التمييز العنصري ضد الطفل بفعل الحروب العصبية المحيطة بنا وارتفاع منسوب الفقر في العالم.. ما يحفّز على التكاتف من أجل العمل على وقف الجهل وعمالة الأطفال ومحاربة جميع أشكال التمييز بين الطفل والطفلة لجهة التعليم والتنشئة والحقوق اذ أثبتت أدلة دامغة على أن تعليم الفتيات، وخاصة في المرحلة الثانوية، هو قوة تحويلية قوية للمجتمعات، علّنا نعيد لهن الفرح برفع قلم المعرفة وممارسة دورهن الطبيعي في المجتمع باعتبار أنهن نصفه بدل حضّهن على الاستمرار بالنقر بأناملهن الصغيرات على زجاج سياراتنا الفخمة.
(الصورة تعبيرية)

تابعوا آخر أخبار "Radar Scoop" عبر Google News، اضغط هنا

المحامية رانيا إيليا نصرة | رادار سكوب
2017 - حزيران - 16

شارك هذا الخبر

المزيد من الأخبار

لبنان الآن: إلى محاسبة حقيقية وإصلاح شامل
لبنان الآن: إلى محاسبة حقيقية وإصلاح شامل
المواطنة اللبنانية والقوت اليومي: استعادة الثقة في دولة
المواطنة اللبنانية والقوت اليومي: استعادة الثقة في دولة 'لبنان الجميع وللجميع'
النضال النسوي والمارقون: رحلة المرأة اللبنانية في مواجهة التحديات وتحقيق الذات
النضال النسوي والمارقون: رحلة المرأة اللبنانية في مواجهة التحديات وتحقيق الذات
الطائفية، مفهوم العمالة، والقضية الفلسطينية: الشعرة التي تقصم ظهر اللبنانيين
الطائفية، مفهوم العمالة، والقضية الفلسطينية: الشعرة التي تقصم ظهر اللبنانيين
لبنان وجهة استثمارية واعدة وسط الإصلاحات السياسية والقانونية
لبنان وجهة استثمارية واعدة وسط الإصلاحات السياسية والقانونية
مأوى أم سجن؟ الأسر النازحة في مواجهة الواقع المرير
مأوى أم سجن؟ الأسر النازحة في مواجهة الواقع المرير

قرّاء رادار سكوب يتصفّحون الآن

سائق عمومي ينقل الفتيات لممارسة الدعارة
سائق عمومي ينقل الفتيات لممارسة الدعارة
المحكمة العسكريّة تصدر حكمها بحق أحمد الأسير...
المحكمة العسكريّة تصدر حكمها بحق أحمد الأسير...
الأشغال الشاقة المؤبدة غيابيا للفلسطيني بلال بدر ومجموعته
الأشغال الشاقة المؤبدة غيابيا للفلسطيني بلال بدر ومجموعته
باسيل: باقي من العهد مش سنة سنين.. العمر كلّو
باسيل: باقي من العهد مش سنة سنين.. العمر كلّو
باسيل: مصرون على الانتخابات... وليخرجوا من لعبة الاتهامات
باسيل: مصرون على الانتخابات... وليخرجوا من لعبة الاتهامات
إقفال منشرة خشب بالشمع الأحمر
إقفال منشرة خشب بالشمع الأحمر

آخر الأخبار على رادار سكوب

‏‎ضبط 340 غالون بنزين... وأمن الدولة تلاحق المتورطين في عكار
‏‎ضبط 340 غالون بنزين... وأمن الدولة تلاحق المتورطين في عكار
توقيف ٣ أشخاص في منطقتَي ضبيه – المتن وأبي سمراء - طرابلس
توقيف ٣ أشخاص في منطقتَي ضبيه – المتن وأبي سمراء - طرابلس
متورطان بجريمة قتل في قبضة أمن الدولة
متورطان بجريمة قتل في قبضة أمن الدولة
تحذيرٌ من الدفاع المدني بالتزامن مع العاصفة الرملية المرتقبة
تحذيرٌ من الدفاع المدني بالتزامن مع العاصفة الرملية المرتقبة
توقيف عصابة سرقة أسلاك كهربائية وضبط كمية من المخدرات
توقيف عصابة سرقة أسلاك كهربائية وضبط كمية من المخدرات
حواجز ومداهمات لشعبة المعلومات في منطقة الشمال
حواجز ومداهمات لشعبة المعلومات في منطقة الشمال