-   رويترز: الولايات المتحدة تقدم للبنان 230 مليون دولار في إطار سعيها لنزع سلاح حزب الله    -   القناة 13 الإسرائيلية: البحرية الإسرائيلية سيطرت على 6 سفن كبيرة من أسطول الصمود    -   الهيئة الاتهامية برئاسة القاضي فادي العريضي تقرر اخلاء سبيل مدير عام الكازينو رولان خوري مقابل كفالة مالية    -   أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني: لا أحد قادر على إزالة البرنامج النووي وسنظل قادرين على حفظ إنجازاتنا    -   إعلام سوري: مقتل شخص جراء استهداف منزله في بلدة التمانعة بريف إدلب الجنوبي من قبل طائرات يعتقد أنها تابعة للتحالف الدولي    -   الشيخ قاسم: لبنان صامد أمام التحديات والتهديدات الأميركية ـ الإسرائيلية    -   رئيس تيار المردة سليمان فرنجية لـ "المنار": نحن دائما نثق بإرادة المقاومة وبقيادتها الحكيمة والحريصة على لبنان ومستقبله ووحدته وعلى التنوع فيه    -   نتنياهو: هجوم الحوثي على المدن الإسرائيلية سيُقابل بضربة قاسية    -   رئاسة الوزراء الإسرائيلية: مصالحنا الأمنية تشمل نزع سلاح الجنوب الغربي السوري والحفاظ على سلامة وأمن الدروز    -   مكتب نتنياهو: أي اتفاق أمني مع سوريا سيكون مشروطا بتلبية مصالحنا    -   الرئيس عون: محادثاتي مع وزير الخارجية الأميركية كانت ايجابية وطلبت مساعدة الولايات المتحدة لوقف الاعتداءات الاسرائيلية والانسحاب من الأراضي المحتلة في الجنوب    -   رئيس مجلس النواب نبيه بري: أدين المجزرة التي ارتكبتها إسرائيل في مدينة بنت جبيل وذهب ضحيتها 5 شهداء منهم أطفال
الاكثر قراءة

خاص رادار سكوب

هكذا حبلت مريم في شوارع بيروت

مريم متسولة الشوارع تأبى أن تتهمها بأنها ما زالت طفلة، تعترف بقيامها بمساعدة والدتها العزباء عن طريق بيع عبوات المياه و “العلكة” على الطرقات بين السيارات. مريم فتاة بعمر ست سنوات، انهكتها طفولتها قبل أن تخوض مخاض الحياة، ابتسامتها البلاتونية تخجَل منها عيونٌ تتفرسها وحناجر تغدق عليها كل فجور الكلمات.

لا تنتمي مريم إلى هنا وحين لفظتها قساوة القدر لم تفطن بأن الطفولة ليست على جدول مراحل حياتها وبأن المدرسة والمعلم هما وجهان غير مقدّر لها أن يطبعا ذاكرتها اليافعة، ولا صوت “الجرس الصباحي” ولا زمور الباص… حتى الطبشور لن تستعمله يوماً أقله لرسم مكعبات على الزفت لتقفز عليها… لأن مريم لم تلد من رحم أمها بل من لدن القدر الظالم حيث لن تنال مجاناً أي من أفراح الأطفال بل ستدفع كل يوم من ثمن طفولتها لابعاد كأس الأتراح عنها ولو قليلاً.

وكما يفعل جميع الرافضين لتسوّل الأطفال في الشوارع، وبّختها ودعيتها إلى الذهاب للتعلم في المدرسة وعدم الإنصياع لأوامر جلادها…
كم كنت غبية وبسيطة، لم تجب مريم بشيء على تفاهة ما تلفظت به وكأنها أدركت جهلي العميق لواقعها فكرّرت مطالبتها بأن أشتري منها بعض مما تبيع. فرَفَعتُ في وجهها جميع أسواري وأشرت لها بإصبعي المتعفّن بأن تتوارى عن أنظاري…

لم تكترث.. وأردتني بطلقة واحدة من عينيها الحالمتين، وأندثرت في المجهول في غبار الماريّن في سياراتهم… مثلي تماماً.

وغرقتُ في تأمل مصيرها… هل كنت مثلاً أتوقع أن تستعلم عن موقع المدرسة حيث أريدها أن تذهب أو عن المستندات المطلوبة منها إبرازها أو مثلاً هل كنت أتوقع أن تطلب مني بطاقتي مع رقم هاتفي لمراجعتي في حال اتخاذها لقرار اقلاعها عن ممارسة التسول للإنكباب على التحصيل العلمي…

كم كنت ساذجة؟ يا لهول ما اقترفته بحق مريم في ذلك اليوم! عدت أدراجي بحثاً عنها.. عن كل مريم تتعرض في شوارعنا للإذلال والإهانة والتحرش والاستغلال والعنف والتمييز، بحثت عن مريم وفاطمة وزهراء وأمل… لا محالة سينكب الأشرار على تعليمهن أصول ارتكاب الذنوب والمعاصي ولكنني لم أجدها، كانت مريم قد كبرت وشبعت تنظيراً من أمثالي لدرجة أنها حبلت بفتيات أخريات يولدن ويكبَرن في غفلة النسيان وعلى هامش مجتمع لا يفطن إلاّ بملذاته والفايس بوك والبرامج الاستعراضية على التلفزيون.

وفي غمرة بحثي عن طفلتي الضائعة وجدت لهذه القضية مسبار أمل. هي مبادرة شخصية يستطيع كل فرد من أفراد المجتمع المدني اللجوء اليها إذ يسمح القانون لأي شخص، استدعاء قوى الأمن الداخلي إلى موقع المتسول اليافع حيث يتم استجوابه عن مكان ولي أمره الذي فور توقيفه يكون أمامه أحد الأمرين، إما التعهد بعدم التسوّل من جديد إما أن يُقدم النائب العام على حبسه إذا ثبَت عليه أفعال جرمية شائنة تمس بالطفولة وبالمجتمع على أن يتم إرسال القاصر إلى دور الرعاية لتنشئته حتى يكتسب جميع المقدرات التي تخوله الاندماج الكامل في مجتمع يليق به.

وللإشارة ان قضية الرعاية الأسرية وحماية الطفل هي وجه اخر من وجوه الاهمال المستشري في مجتمعنا. وبين غياب الدولة النهائي عن تفعيل هذا الشأن العام وعدم وفرة دور الرعاية الخاصة التي يجب أن تتواجد في كافة المناطق لايواء الاطفال المشردين والفقراء والايتام، تشير تقارير حديثة صادرة عن “اليونسيف” أن وضع دور الرعاية في لبنان مذرٍ إلى حد بعيد إذ مجمل تلك الدور تنتهج النمط المؤسساتي بدلاً من النمط العائلي، ففيما تنعدم في النمط المؤسساتي الحضانة العاطفية التي تجعل الطفل ينعم بأهم ركائز الحياة الاسرية، تزدهر في النمط العائلي هذا النوع من الاحاطة والرعاية، هذا فضلا عن ورود أخبار فضائحية وخطيرة تفيد عن حصول عمليات اغتصاب وعنف داخل هذه الدور وقضية الطفل طارق في دار الأيتام الاسلامية التي هزّت الرأي العام منذ قرابة العام خير دليل على ذلك.

في صرخة مدوّية أخيرة إلى جميع العاملين في الشأن العام يصادف اليوم الواقع فيه 11 تشرين الثاني من كل عام، اليوم الدولي للطفلة، وللمفارقة تم اطلاق نداء للمجتمع الدولي هذا العام على “تحفيذ الطفلة لتمكنها من مواجهة دائرة العنف المحيطة بها” باتخاذ هذا النداء شعار العام 2014 في ظل تنامي الممارسات العنفية وتصاعد التمييز العنصري ضد الطفل بفعل الحروب العصبية المحيطة بنا وارتفاع منسوب الفقر في العالم.. ما يحفّز على التكاتف من أجل العمل على وقف الجهل وعمالة الأطفال ومحاربة جميع أشكال التمييز بين الطفل والطفلة لجهة التعليم والتنشئة والحقوق اذ أثبتت أدلة دامغة على أن تعليم الفتيات، وخاصة في المرحلة الثانوية، هو قوة تحويلية قوية للمجتمعات، علّنا نعيد لهن الفرح برفع قلم المعرفة وممارسة دورهن الطبيعي في المجتمع باعتبار أنهن نصفه بدل حضّهن على الاستمرار بالنقر بأناملهن الصغيرات على زجاج سياراتنا الفخمة.
(الصورة تعبيرية)

تابعوا آخر أخبار "Radar Scoop" عبر Google News، اضغط هنا

المحامية رانيا إيليا نصرة | رادار سكوب
2017 - حزيران - 16

شارك هذا الخبر

المزيد من الأخبار

لبنان الآن: إلى محاسبة حقيقية وإصلاح شامل
لبنان الآن: إلى محاسبة حقيقية وإصلاح شامل
المواطنة اللبنانية والقوت اليومي: استعادة الثقة في دولة
المواطنة اللبنانية والقوت اليومي: استعادة الثقة في دولة 'لبنان الجميع وللجميع'
النضال النسوي والمارقون: رحلة المرأة اللبنانية في مواجهة التحديات وتحقيق الذات
النضال النسوي والمارقون: رحلة المرأة اللبنانية في مواجهة التحديات وتحقيق الذات
الطائفية، مفهوم العمالة، والقضية الفلسطينية: الشعرة التي تقصم ظهر اللبنانيين
الطائفية، مفهوم العمالة، والقضية الفلسطينية: الشعرة التي تقصم ظهر اللبنانيين
لبنان وجهة استثمارية واعدة وسط الإصلاحات السياسية والقانونية
لبنان وجهة استثمارية واعدة وسط الإصلاحات السياسية والقانونية
مأوى أم سجن؟ الأسر النازحة في مواجهة الواقع المرير
مأوى أم سجن؟ الأسر النازحة في مواجهة الواقع المرير

قرّاء رادار سكوب يتصفّحون الآن

تحذيرات جدية للأسبوع المقبل.. هذه تفاصيل ترايسي
تحذيرات جدية للأسبوع المقبل.. هذه تفاصيل ترايسي
بعدما حاول اغتصابها.. توقيف الناطور السوري في غزير
بعدما حاول اغتصابها.. توقيف الناطور السوري في غزير
بالأرقام عدد الإصابات في تظاهرة عوكر
بالأرقام عدد الإصابات في تظاهرة عوكر
عثروا عليه جثة في حقول الزيتون وبجانبه رسالة
عثروا عليه جثة في حقول الزيتون وبجانبه رسالة
جثة امرأة في الناعمة...
جثة امرأة في الناعمة...
ظهور جماعة شيعيّة متشدّدة في جنوب لبنان!
ظهور جماعة شيعيّة متشدّدة في جنوب لبنان!

آخر الأخبار على رادار سكوب

دفعة جديدة في دورة محو الأمّية وتعلّم اللغة الإنكليزية في سجن روميه
دفعة جديدة في دورة محو الأمّية وتعلّم اللغة الإنكليزية في سجن روميه
سبعة أطنان...
سبعة أطنان... 'الريجي' تضبط مصنعًا للمعسّل المزوّر في الهرمل
يسلب سائقي الأجرة بالتهديد بالسلاح في عدّة مناطق
يسلب سائقي الأجرة بالتهديد بالسلاح في عدّة مناطق
تحضيراً للانتخابات النيابية.. جعجع للقواتيين: استنفروا طاقاتكم!
تحضيراً للانتخابات النيابية.. جعجع للقواتيين: استنفروا طاقاتكم!
بعد تسليم فضل شاكر نفسه... بيان للجيش!
بعد تسليم فضل شاكر نفسه... بيان للجيش!
'الجيش' يوقف تاجري سلاح ويصادر ذخائر