لكم سِلاحكم ولنا 'نادينُنا'!

رادار سكوب

2018 -

أيار -

د. جويل رمزي فضّول

ما بين دمعة الفرح ولوعة الثّقافة، تنهالُ على رؤوسنا كلماتٌ لم يستطع العقل البشريّ استيعابها في اليومين الأخيرين، على الرّغم من كلّ الاستنكارات! فبدل أن تُسند نادين لبكي بخطابها يوم رفعت اسم لُبنان عاليًا بعد أكثر من عشرين سنة، يوم تجرّأت وطلبت من المجتمع الدّوليّ أن يغيّر نظرته للبنان، يوم خرقت بـ " كفرناحوم " كلّ الحصار وأسكتت أبواق القنابل والقذائف... بدل أن تُكافأ على كلّ ذلك، سقطت من جديد في شباك ثقافة لا تَعرِف سوى السّلاح ولا تُقدِّر سوى القتل والدّمار، بينما نادين في فيلمها هذا تُحاوِلُ أن تشفي جروحات تركها ذلك السّلاح، بينما نادين تفتح أوراق المظلومين الّذين يدفعون ثمن ذلٍّ أُنزِل عليهم يومَ ولدوا!

بلا "لبكي"!؟ وأيّ "لبكي" هي هذه؟ أيّ ثقافةٍ هي هذه؟ لسنا ضدَّ شهدائكم، لم ولن نتجرَّأ يومًا أن نسخر من أيّ نقطة دم تُسفَكُ؟ ولكن لِمَ هذه الانتفاضة؟ لِمَ حرَّكتكم نادين لبكي بهذا الشّكل؟ وما الّذي استفزّكم بهذا الحجم؟ أَهو انتصار السّلام على السّلاح؟ أم أنَّكم رأيتُم فِعلًا ما الّذي تُسبّبه الحرب؟

"لبنان يكفيه مجد شهداء القصير"! ألا يكفي لبنان مجد أمثال نادين؟ أوَلم يكتفي لبنان من دماء الشّهداء؟ ومن أجلِ ماذا؟ من أجلِ من؟ لكم قضيّتكم ومجدَّدًا نحن نحترمها ولكن لماذا لا تحترمون قضيَّتنا؟ لماذا لا تحترمون ثقافتنا؟ لِماذا علينا دائِمًا أن ندفع ثمن صورة لا تمتُّ إلينا بصلة؟!

وكما خرقت نادين بفيلمها حصارًا دوليًّا على صورة لبنان، ها هو " حزب اللّه " يوم أمس يخرق حصار النّاقدين والهازئين بالصّورة الحضاريّة الّتي نُحاوِلُ بثّها عبر كلّ الشّاشات، متبرِّئًا من كلّ السّجال الحاصل. لا بدَّ هنا وأنّ الحزب قد تداركَ وقع هذه الكلمات، ولكن ماذا عن الجرح الّذي تركته مجموعة لا بأس بها من جماعته على نجاح نادين لبكي"؟ ماذا عن الصّورة الّتي وصلت إلى العالم بأسره حول تلك الرّؤية المؤلمة الّتي يمثّلها فِكر البعض منهم!

نصفع ثمّ نتبرَّأ... نهدِّم ثمّ نندم! لكنّ طائر الفينيق لم ولن يُكسر له جناح واحد! طائر الفينيق سيحلّق عاليًا في رحاب هذا الفضاء الواسع! طائر الفينيق يفتخر بأمثال نادين لبكي ومن دون أيّ "لبكي".

نادين... لنا الفخر أن ننتمي إلى ثقافتك، لنا الفخر أن ننتمي إلى بلادك... ولي الفخر شخصيًّا أن أنتمي إلى بلدتك... البلدة الّتي غصّت بالمفكّرين وكبار الرّجال... لي الفخر أن أنتمي إلى بنت بلدتي... بعبدات !

تابعوا آخر أخبار "Radar Scoop" عبر Google News، اضغط هنا