• الرئيسة
  • الاخبار المهمة
  • خاص رادار سكوب
  • أمن وقضاء
  • بلديات
  • Legal Scoop
  • Psycho Scoop
  • عيون الرادار
  • أخبار محلية
  • دولية اقليمية
  • منوعات
  • متفرقات
  • رياضة
  • مشاهير
  • بنك الدم
من قلب المربع الذهبي… جريمة تغيير وجه بيروت تبدأ بكأس مفقود
المحامية رانيا إيليا نصرة   |   رادار سكوب   |   2025 - تشرين الثاني - 22

المحامية رانيا إيليا نصرة - رادار سكوب:

منذ اللحظة الأولى لولادة الجمهورية اللبنانية، نصّ الدستور بوضوح على أنّ لبنان «جمهورية ديمقراطية تحترم الحريات العامة، وفي طليعتها حرية الرأي والمعتقد». هذه العبارة ليست تفصيلاً دستورياً، بل حجر الأساس الذي قامت عليه فكرة الدولة المدنية في هذا البلد، الدولة التي تُفترض أن تحمي المجال المشترك من أن يتحوّل إلى مرآة لسلطة دينية أو اجتماعية أو فئة واحدة.

انطلاقاً من هذا المبدأ، يبدو ما يجري اليوم في قلب بيروت بعيداً كل البعد عن روح الدولة التي وُعدنا بها. فالمقاهي الجديدة التي تُفتتح في المربع الذهبي للعاصمة وهي تمتنع عن تقديم الكحول لا تحمل معها خياراً تجارياً عابراً، بل تُدخل إلى قلب المدينة نبرة جديدة تحاول تعديل وجه بيروت من الداخل، وإعادة تشكيل هويتها بخطوات صغيرة متكرّرة، وكأنّ الأمر لا يستحق الالتفات. بيروت لم تُخلق لتكون نسخة صامتة عن مزاج فئة واحدة، بل لتكون مساحة تتجاور فيها أنماط الحياة وتتنافس ثقافاتها من دون أن تلغي إحداها الأخرى.

وما يشبه هذه المحاولة نراه في الذاكرة القريبة في حادثة كفررمان، حين تجاوزت بلدية حدود صلاحياتها عبر منع بيع الكحول ضمن نطاقها. حينها ظهر بوضوح كيف يمكن لقرار محلي صغير أن يتحوّل إلى خطوة نحو إعادة تعريف المجال العام عبر “أخلاق” جماعة واحدة. ذلك القرار كان نموذجاً لما يمكن أن يحدث اليوم في العاصمة إن تُرك المسار بلا اعتراض: استبدال التعدد بتوحيد قسري، وتحويل قناعات خاصة إلى سلوك عام يطال الجميع.

وفي المقابل، يظهر النموذج الغربي – في أوروبا والولايات المتحدة – كنقيض تام لما يحدث هنا. ففي تلك الدول، وبحماية صريحة للدولة المدنية، مُنع أي مظهر ديني من أن يتحول إلى قانون عام. لا فرض حجاب، لا منع كحول، لا صيام مفروض على المجال العام، ولا تعديل للمناهج إرضاء لمذهب. وحين تُرفع الأثقال عن الناس، يتنفس الإيمان حراً في فضائه الطبيعي: شخصي، داخلي، غير متوتر. المسلمون هناك، عبر هذا النظام المحايد، وجدوا مساحة روحية أعمق مما يجدونه في الشرق. كثيرون يعترفون: «هناك نمارس ديننا بطمأنينة لا نجدها عندنا»، لأن الدين لا يُستخدم كأداة ضغط اجتماعي ولا لخلق مشهد يختبر فيه الآخرون انصياعهم أو اختلافهم.

وفي لبنان بالذات، المفارقة أكثر وضوحاً. فطوائف أخرى، كبيرة وراسخة، كان يمكنها بسهولة أن تفرض على المسلمين ما تفرضه شعائرها على أبنائها، لكنها لم تفعل. لا أحد أجبر مسلماً على إغلاق مطعم خلال الصوم المسيحي، ولا على تعديل ملبسه أو سلوكه خلال الأعياد المسيحية، ولا على الالتزام بطقوس الكنيسة في المجال العام. ذلك لأن التعايش الحقيقي لم يُبنَ على طغيان فئة، بل على رفض الكل أن يبتلع الكل. وهذا تحديداً ما يجعل محاولات فرض أسلوب حياة واحد في العاصمة خرقاً صريحاً لفلسفة العيش التي جعلت هذا البلد ممكناً في الأساس.

ولا تأتي مسألة حظر الكحول وحدها لتكشف هذا التحول، بل ترافقها مشاهد مقلقة باتت تتكرر في شوارع وأسواق ومطاعم بيروت: سجادة صلاة تُمدّ في وسط الطريق، أو داخل مطعم مزدحم، بين طاولات الكؤوس والموسيقى، في لحظة تفاجئ الجميع وتفرض إيقاعاً روحياً على مساحة لم تُخلق لذلك. ليس في الصلاة أي خطأ، ولا في الإيمان أي عيب؛ لكن خروج الشعيرة من فضائها الطبيعي إلى فضاء عام مشترك يحوّلها من فعل روحي إلى فعل حضور قسري. الشعيرة التي تُفرض على مكان لا يتسع لها تفقد سكينتها، وتُربك الجميع، وتضع الناس – مسلمين وغير مسلمين – أمام تناقض فجائي يزعزع الإحساس بالراحة والانسجام. إنّ حق الإنسان في الصلاة محفوظ، لكن حقّ الآخرين في حيّز عام حيادي محفوظ أيضاً، وبدون هذا التوازن تنهار المدينة من داخلها.

في هذا السياق، يصبح دور بلدية بيروت واضحاً: لا التحقيق في نوايا المطاعم، ولا التدخل في خياراتها التجارية، بل حماية مظهر المدينة وانفتاحها ومنع أي مسار يغيّر طبيعتها المدنية. المدينة ليست ملكاً لفئة ولا لطقس، بل لسكّانها جميعاً. وما يخلخل هذا التوازن يجب أن يُضبط، لأن التفكك يبدأ بخطوات صغيرة لا يسمع صداها في البداية.

أمام هذا المشهد، يصبح الدفاع عن روح بيروت ضرورة لا يمكن الهروب منها. ليست القضية قضية كحول أو صلاة، بل قضية هوية مدينة تُعاد كتابتها بصمت. ومن هنا، فإن الموقف المدني الأوضح والأجرأ هو الامتناع الطوعي عن ارتياد أي مطعم أو مقهى في قلب العاصمة يختار – أو يُدفع إلى – منع الكحول ضمن مسار يغيّر وجه بيروت ويستبدل انفتاحها بقيود غير معلنة. المقاطعة هنا ليست موقفاً ضد دين ولا دعوة إلى معصية، بل دفاعاً عن حقّ المدينة في أن تبقى مدينة، وعن حقّ أبنائها في أن يعيشوا تعدّدهم بلا ضغط ولا ترهيب ولا إعادة هندسة صامتة للمجال العام.

بيروت التي نعرفها لا تموت بضربة واحدة، بل بآلاف التغييرات الصغيرة التي تمرّ من دون اعتراض. والمقاطعة اليوم ليست مجرد فعل استهلاكي، بل فعل انتماء. فعل يقول إننا نرى ما يحدث، وإننا نرفض أن نخسر العاصمة كما خسرنا الكثير قبلها. إنها دعوة لحماية آخر ما تبقى من روح هذا البلد: الحرية.

تابعوا آخر أخبار "Radar Scoop" عبر Google News، اضغط هنا


Facebook Tweet whatsapp
المزيد من الأخبار
  • تضامناَ مع والدي إيليو أرنستو أبو حنّا... وجعكما وجع وطنٍ بأسره!
  • لبنان الآن: إلى محاسبة حقيقية وإصلاح شامل
  • المواطنة اللبنانية والقوت اليومي: استعادة الثقة في دولة 'لبنان الجميع وللجميع'
  • النضال النسوي والمارقون: رحلة المرأة اللبنانية في مواجهة التحديات وتحقيق الذات
  • الطائفية، مفهوم العمالة، والقضية الفلسطينية: الشعرة التي تقصم ظهر اللبنانيين
  • لبنان وجهة استثمارية واعدة وسط الإصلاحات السياسية والقانونية
قرّاء رادار سكوب يتصفّحون الآن
  • وزير البيئة يعلن تاريخ اقفال موسم الصيد في لبنان
  • بالصورة: انقلاب سيّارة عند مفرق البلمند وإصابة 4 أشخاص
  • بالصورة: شاب مفقود منذ 2 تموز في قرطبا
  • انجلترا تقصي كولومبيا بركلات الترجيح (فيديو وصور)
  • قوى الامن: الرقيب حسون مطلوب للقضاء ونعمل لاسترداده من تركيا
  • تحذيرات.. اي تحرّك لحزب الله سينقل لبنان الى المجهول!
آخر الأخبار على رادار سكوب
  • توقيف أحد أفراد عصابة سلب بقوة السلاح في بيروت
  • في برج حمود.. أوقفته شعبة المعلومات بالجرم المشهود
  • بالصور: الجيش يضبط معملًا لتصنيع حبوب الكبتاغون في الهرمل
  • أوقفته فصيلة جبيل بعدما قام بتسميم أكثر من ٨ أشخاص
  • عبد المسيح: هذا نوح وليس النبي نوح
  • بعد الاعتداء في مستشفى طرابلس… تعليق من وزارة الصحة
تواصلوا معنا عبر

من نحن   |   إتصل بنا   |   للاعلان معنا