بعد الفضيحة المدوية: كريديّة يحصّن نفسه وأمل ترفع الغطاء عن حرشي!

رادار سكوب

2018 -

آب -

محمد الجنون - رادار سكوب:

في قضاء صور 3 بلديات منحلّة (يارين – البرغلية – المنصوري)، وحتى الآن لم تتخذ وزارة الداخلية والبلديات قراراً بإجراء الإنتخابات فيها. أمّا بلدية العباسية التي انفجرت أزمتها بسبب رئيسها خليل حرشي، فهي تعتبر بحكم المنحلّة قانونياً، مع استقالة 7 أعضاء منها (6 منهم في حركة أمل ) بتاريخ 13/8/2018، تضامناً مع حُرشي "المُستقيل" الذي سيمثلُ أمام القضاء خلال الأيام المقبلة، بدعوى ملفه المتعلق بالجمع بين رئاسة البلدية ووظيفة "حارس ليلي في هيئة أوجيرو .

خلال الأيام الماضية، تسارعت الأحداث بشأنِ هذا الملف، خصوصاً لجهة تحرك هيئة أوجيرو بشخص مديرها العام عماد كريدية، حيثُ أنذر الأخير حرشي بتسوية أوضاعه القانونية خلال 3 أيامٍ فقط (تاريخ الإنذار 30 تموز 2018)، إذ يُمنع الإزدواج الوظيفي في دائرتين مستقلتين وتقاضي راتبين. ووفق قانون البلديات، فإنّ حرشي خالف المواد 22، 27، 29، التي نصت صراحة على الإختيار خلال أسبوعين من تاريخ الإنتخاب، بين العضوية والوظيفة، وإلا يعتبر مُقالاً حكماً من عضوية البلدية.

الإنذار الخطي من "أوجيرو" لحرشي نظراً لمخالفته القانون، دفع بالأخير إلى تقديم استقالته من المجلس البلدي أمام القائمقام، وذلك تحت طائلة فصله من عمله، وتحميله كامل التبعات المالية والقانونية، بحسب ما ورد في الإنذار الذي وقعه مدير عام أوجيرو. اليوم، ما زال حُرشي موظفاً في "أوجيرو" رغم كل ما حصل، باعتبار أنَّ كريدية أراد فقط صورةً عن الإستقالة ليحصن نفسه وحرشي أمام القانون، كي لا يُعتبر مساهماً في تغطية مخالفةٍ تتعلق بموظف في مؤسسته. ومع ذلك، فإنَّ صورة الاستقالة التي حصل عليها كريدية من حرشي، شكلت مستمسكاً لدى الأول لتحييد نفسه من جهة، والتأكيد على أن حرشي قام بتسوية أوضاعه القانونية واستقال من البلدية.

"أمل" تستنفر وترفع الغطاء.. وما علاقة "حزب الله"؟
في جوهر القضية، كان السعي يكمُن في إقفال ملف حُرشي بأقل خسائر ممكنة، بعد فضيحته المدوية. فهو، المحسوب سياسياً على حركة أمل ، تمسّك بخيار الوظيفة في "أوجيرو" مع وجود الكثير من المغالطات بشأن راتبه من الهيئة، حيثُ أثير أنه كان يتقاضى راتباً بقيمة 19 مليون ليرة شهرياً، إلى حين خرج مستندٌ من أوجيرو يوثق قيمة الراتب الذي يتقاضاه حرشي، والذي يصل إلى حدود الـ4 ملايين ليرة.

عملياً، فإنّ استقالة حُرشي من البلدية شكلية، والإستقالات التي تقدم بها 7 أعضاء من المجلس البلدي قبل 10 أيام أمام قائمقام صور بالإنابة محمد علي جفال، والتي لم يتم البت بها حتى الآن، ساهمت في فرملة العمل البلدي في العباسية، وتحديداً أمام الأعضاء المحسوبين على "حزب الله". فباستقالة عضو المجلس فؤاد معتوق المحسوب على الحزب "الشيوعي اللبناني"، إلى جانب المستقيلين المحسوبين على "أمل" وهم 7 من بينهم حرشي، فقد المجلس البلدي (15 عضواً) نصابه القانوني القائم على صيغة النصف زائد واحد.

ومع ذلك، فإنّ مخالفة حرشي استدعت استنفاراً لدى حركة "أمل" لحلّ المشكلة لدى المعنيين. وكشفت المعلومات أنَّ "قيادة حركة أمل أبلغت حرشي مؤخراً استياءها منه، وأبلغته أنها رفعت الغطاء عنه، فما كان من الأخير إلاّ أن تقدم بالإستقالة الشكلية من المجلس البلدي، كردة فعلٍ على موقف الحركة".

"استياء أمل" زاد أكثر، باستقالة الأعضاء المحسوبين عليها، خصوصاً وأن حرشي نشط مع عددٍ من المقربين منه للضغط على الأعضاء للإستقالة، في قرارٍ منفرد أزعج قيادة "أمل"، والتي اعتبرته مخالفاً للقواعد التنظيمية، كونها لم تطلب من الأعضاء المحسوبين عليها الاستقالة من البلدية. تعتبر مصادر حركة "أمل" أنَّ "ما قام به حرشي مخالفة كبرى وتمرداً على القيادة، وانقلاباً على القواعد التنظيمية، والغطاء سيُرفع عنه حكماً".

ومع قرار الحركة بشأن حرشي، فإنّ مصادر متابعة للملف أشارت لموقع رادار سكوب، إلى أنَّ "أعضاء المجلس البلدي المحسوبين على حزب الله التزموا البقاء وعدم التدخل بالموضوع"، ولفت عدد منهم إلى أنهم "لم يكونوا على علم بمسألة الجمع بين وظيفتين".

وتقول المصادر: "هناك استياءٌ من حرشي داخل المجلس لاسيما من الأعضاء المحسوبين على حزب الله، وكان هناك سعيٌ لفتح ملف فساد له، وبرزت مسألة الجمع بين الوظيفتين على طبقٍ من فضة". وتساءلت المصادر عن "دور مسؤولي ملف العمل البلدي في أمل وحزب الله بشأن شكل المجالس البلدية، ولا سيما وأن المخالفة مرّ عليها أكثر من عامين".

"الداخلية" و"المحافظ" و"القائمقام".. سكوت على المخالفة؟

ما حصل مع حرشي فتح الباب أمام تراخٍ واضحٍ بشأن مخالفة قانونية بارزة. وقانونياً، على أعضاء المجلس البلدي المنتخبين أن يتقدموا لدى وزارة الداخلية بتصريح عن أموالهم المنقولة وغير المنقولة وأملاكهم، إلى جانبِ التصريح عن مركزٍ وظيفي ضمن دائرة رسمية، ويشترط مع ذلك الاختيار بين الوظيفة أو العضوية.

وعليه، فإنَّ حرشي حينما تقدّم لوزارة الداخلية، كان من المفترض أن يُكشف أمرُه حينها قبيل انتخابه رئيساً. عامان مرّا على المخالفة، حتى تحرّك محافظ الجنوب منصور ضو بتاريخ 2/8/2018. وفي السياق، تغمز مصادر متابعة للملف الى أنَّ "وزارة الداخلية كانت على علمٍ بمخالفة حرشي الواضحة منذ حدوثها، غيرَ أن عدداً من النافذين ضغطوا باتجاه إنهاء الموضوع ورميه في الأدراج".

وتلفت المصادر إلى أنّه "لناحية القانون، كان يتوجب على محافظ الجنوب إقالة حرشي من المجلس البلدي بعد أسبوعين من إعلان نتائج الإنتخابات البلدية عام 2016، بسبب عدم تقديم إستقالته من وظيفته في أوجيرو، وهذا ما لم يحدث"، موضحةً أنَّ "حرشي صنع سابقة في مخالفته للقانون، بحيث عرض كامل القرارات البلدية التي اتخذها للمراجعة. وعليه، فإن وجوده في المجلس البلدي غير شرعي، وإن تأخر قرار إقالته من قبل محافظ الجنوب، بحسب ما نصت عليه الفقرة 29 من قانون البلديات، يوسع دائرة المسؤولية". كذلك، توقفت المصادر عند وظيفة القائمقام في كشف هذه المخالفة، لا سيما وأنه يجب أن يكون على اطلاع كامل بملف الأعضاء المنتخبين، وتحديداً الرئيس الذي تمّ انتخابه بحضوره، الأمر الذي ترك تساؤلات عديدة بهذا الشأن.

وعملياً، فإنَّ حرشي أصبح مع فريقه المستقيل في وضعٍ لا يُحسد عليه، وهناك توجه لدى قيادة حركة أمل برفع الغطاء عنه نهائياً عند وصول ملفه لمرحلة المحاسبة القضائية. ومع أنَّ وجود حرشي في المجلس البلدي غير شرعي، تؤكد مصادر متابعة أنَّ "ملف حرشي مليء بالمخالفات، وسيكون هناك مراجعة لكافة القرارات التي وقعها خلال وجوده على رأس المجلس البلدي". وتوازياً مع ذلك، فإنَّ الملف ستتم متابعته لدى النيابة العامة المالية خلال الأيام القليلة المقبلة، لاستعادة الأموال التي تقاضاها حرشي خلال فترة ترؤسه للمجلس البلدي.

تابعوا آخر أخبار "Radar Scoop" عبر Google News، اضغط هنا