اجتماعٌ سريّ ثلاثي غيّر كل شيء.. هكذا قطع 'سعد' الطريق أمام 'بهاء'

رادار سكوب

2020 -

أيار -

محمد الجنون - رادار سكوب:

بات الكثيرون حالياً يترقّبون تبعات "موجة بهاء الحريري " التي عادت لتبرزَ من جديد. فبين الفترة والأخرى، يخرج الحريري ببيانٍ يسدّد السهام بشكل غير مباشر باتجاه شقيقه رئيس الحكومة السابق سعد الحريري . وسياسياً، فإن الترقّب في أعلى مستوياته. الكلّ يتابع بصمت، باستثناء بعض الشخصيات التي لن تغفر لزعيم "التيار الأزرق"، والتي تتمنى إنهاءه سياسياً. عن هؤلاء، أقلّ ما يُقال أن بروز "موجة بهاء" بالنسبة لهم تشكل "الشّحمة على الفطيرة".

خلال الأيام القليلة الماضيّة، كان الرصدُ قائماً لأصداء الحركة الحريريّة الطارئة، إلا أنّ الأهم هي الأرضيّة التي يمكن أن تساهم في إحتضانها. كثرٌ اليوم يعوّلون على "بهاء" لإستعادة العصب السّني بعدما وجدوا أن شقيقه سعد قد رتّب على الطائفة الكثير من الخسائر، خصوصاً في القوّة السياسيّة، وأيضاً هناك من المنتفعين والصقور الذين قطع الحريري عليهم الطريق، ووجدوا ضالّتهم في بهاء، وراحوا يزيدون الصراع استعاراً، والأهم من كل ذلك هو تلقي الدعم المالي.

واقعياً، فإنّ حركة بهاء الأخيرة ليست إلا "جسّ نبض"، وهي وُلدت ميتة. فعلى الرّغم من أن سعد الحريري أصبح خارج الحكومة، لكنّه لم يبقَ وحيداً. خلال السنوات الـ15، أي منذ اغتيال والده الرئيس الشهيد رفيق الحريري، كان سعد قد أسّس أرضيّة له، وكان يراعي في الكثير من الأحيان الخصوصيّات السياسية اللبنانية. لقد فهم الحريري ما يريده الخصوم والأحلاف، وهو ما زال بالنسبة لهم الزعيم السني الأول وصاحب أكبر كتلة نيابيّة سنية في البرلمان، كما أنه بقيَ يستقطب مجموعة لا بأس بها من شارع الطائفة، رغم أن الكثيرين فيها يعتبرون أنه ساهم في تراجعها. أما بالنسبة لبهاء، فإنّه لا أرضيّة له، لا سياسيّة ولا حتى عربيّة. والثابت الأكبر في ذلك هو زيارة السفير السعودي وليد البخاري إلى سعد الحريري وتأكيد دعم السعوديّة له. ولذلك، فإنّ المعركة خاسرة بالنسبة لبهاء إذ لا غطاء له لبناني أو دولي، وما يمكن قوله أنه يحاول استغلال وضع شقيقه، باعتبار أن الأخير أصبح خارج الحكومة ويصارع مالياً.

وفعلياً، فإن أراد بهاء دخول هذا المعترك، فإنه يريدُ الماكينة المالية والإعلامية لذلك. المال موجودٌ وقد يسعى إلى تأسيس جبهة سياسية مناهضة لـ"تيار المستقبل"، الذي يحاول انتزاع زعامته من شقيقه، وهنا يكمن الخوف الكبير في ظلّ الأوضاع القائمة، وتحديداً في تكريس الأدوات الفاعلة من خلال سلطة المال الذي لا يمكن لسعد التصرّف به. ولذلك، أراد اللجوء إلى خطة أخرى لضمان نفسه، وهي الاستنجاد بالخصوم بطريقة غير مباشرة .

وحالياً، فإن سعد الحريري مرتاحٌ جداً.. تلقى الغطاء السعودي، وأخذ مبادرة إيجابية من "حزب الله" أيضاً. تقول المصادر السياسية لـ"رادار سكوب" أنّ "اجتماع الحريري مع الحاج حسين الخليل، المعاون السياسي للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، حصل بسبب ورود إشارات للحريري حول حراكٍ ينوي بهاء القيام به في الداخل. بسرعة تحرّك الحريري وأطبق على تلك الخطوة قبل حصولها، وطلب سراً لقاء ودياً من الحزب بحضور غطاس خوري.

الحريري نفى حصول اللقاء، إلا أنّ مصادر "حزب الله" أكّدته، والثابت أنّ "الأخير قابل الحريري بإيجابية وقبِل الجلوس معه" وفقاً لمصادر حارة حريك، وكان اللقاء والحوار يحمل إشارات غير مباشرة، مضمونها أنّه موجود وهو الزعيم السنيّ رغم كل الخلافات.

لقد أراد الحريري تطمين نفسه أولاً من خلال الحزب، وفكرة اللقاء فقط هي بمثابة قطع الطريق أمام بهاء ليُقال أنه ما زال مقبولاً لدى الحزب، وقد يكون لرئيس مجلس النواب نبيه برّي دورٌ خفي في هذا الحوار الجامع.

وواقعياً، فإنّ الحريري بالنسبة للجميع سيبقى الخيار الأوّل وأيضاً بالنسبة لـ"حزب الله" رغم كل شيء، كما أن الغالبية راحت "تبايع" سعد أيضاً، وهناك من يرى فيه خشبة الخلاص داخل "المستقبل"، أقلّه من المنتفعين. قد تكون شخصيّة سعد الحريري "سلسة" أكثر من بهاء، وقد يكون مهادناً بشكل أكبر، وهذا ما يعوّل الكثيرون عليه ليحفظوا رؤوسهم. ولذلك، فإنّ الإبن الأكبر لرفيق الحريري، وإن أراد البروز من جديد فإنّه يريدُ نزع كل الأوراق من شقيقه، إلا أن ذلك صعبٌ جداً.

واليوم، فإنّ الحريري يستخدم الكثير من الأوراق ليحافظ على نفسه ومكانته السياسيّة. لكن الأخطر من كل ذلك هو أن بهاء أراد الدخول من باب الجبهة المناوئة للسياسيين، أي من باب التحركات الشعبية في العديد من المناطق. وهنا، كان السعي للتغلغل في قلب هذه التحركات من خلال تقديم الدعم، لكن الأمر انكشف للكثيرين، خصوصاً أن الأدوات التي يستخدمها بهاء مكشوفة ومعروفة.

تابعوا آخر أخبار "Radar Scoop" عبر Google News، اضغط هنا